الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)
.فصل فيما يجب للمطلقات وغيرهن من النفقة وما يلحق بها كالإرضاع وأجرته: (إسكان) مبتدأ (مدخول) مضاف إليه (بها) يتعلق به (إلى انقضاء عدتها) يتعلق بإسكان (من الطلاق) البائن صفة لعدتها (مقتضى) خبر أي مطلوب بحكم الشرع لقوله تعالى: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن} (الطلاق: 41) الآية لأن السكنى حق لله فليس له ولا لها إسقاطها، ولذا كانت ترجع للسكنى إن خرجت لحجة الضرورة فمات أو طلق على ما هو مبين في (خ) وغيره وقد تساهلت الناس اليوم فصارت المرأة إذا طلقها زوجها أو مات عنها تذهب لأهلها ولا يجبرها الحاكم على البقاء في بيتها إلى انقضاء عدتها، وإذا قضى عليها بالمقام في بيتها لانقضاء عدتها فأرادت أن تسكن معها أمها أو قريبة لها فلها ذلك ولا تترك وحدها ولا مقال لزوجها كما في ابن سلمون وغيره، ومفهوم قوله مدخول بها أن غيرها لا سكنى لها وهو كذلك إذ لا عدة عليها من الطلاق. (وذات حمل) مبتدأ (زيدت) مبني للمفعول ونائبه ضمير المبتدأ (الإنفاقا) مفعول ثان لزيدت (لوضعها) يتعلق بزيدت (والكسوة) معطوف على الإنفاق (اتفاقاً) حال والمعنى أن المطلقة طلاقاً بائناً إذا كانت حاملاً فإنه يزاد لها على السكنى النفقة والكسوة إلى وضع حملها إذ كل حامل لها النفقة والكسوة إلا المتوفى عنها والملاعنة، وقوله: لوضعها أي ولو وضعته لخمسة أعوام والنفقة بقدر وسعه وحالها كما مر. وكما يأتي في قوله: بحسب الأقوات والأعيان والسعر والزمان والمكان (خ): فيفرض الماء والزيت والحطب والملح واللحم المرة بعد المرة، وانظر نوادر الطلاق والرجعة والعدة من نوازلنا التي جمعناها فإن الكلام فيها أوسع، وأما الكسوة فيفرض لها الدرع أي القميص والخمار أي ما تخمر به رأسها أي ما تغطيه به والإزار وينظر إلى الغالب من مدة الحمل، فإن قيل غالبه تسعة أشهر قيل: وكم ثمن هذه الكسوة وفي كم تبلى؟ فإن قيل تبلى في سنتين قسم ثمنها عليه وكسيت بحسبه انظر ما تقدم عند قوله: ولبس ذات الحمل بالحمل اقترن. كما لو طلقها بقرب وضعها فلها بقدر ذلك من الكسوة ثمناً (خ) وفي الأشهر قيمة منابها. (وما) نافية (لها) خبر مقدم والضمير للكسوة وأحرى النفقة (إن مات حمل) شرط وفاعله وجوابه محذوف للدلالة عليه (من بقا مبتدأ جر بمن الزائدة، والمعنى أنه لا بقاء للنفقة والكسوة إن مات الحمل في بطن أمه، واعترفت بموته لأن النفقة إنما كانت لها لأن الولد يتغذى بغذائها فإذا مات لم يبق له غذاء بهذا. أجاب ابن دحون وابن الشقاق وغيرهما، وهو المعتمد كما في الأجهوري وما في زمن أن المعتمد هو استمرار نفقتها ومسكنها إن مات في بطنها إلى وضعها إذ بذلك وقع الحكم من القاضي. ابن محرز. وأفتى به آخرون إلخ. معترض، وأما المسكن فيستمر لها وإن مات في بطنها إلى وضعه إذ به تخرج من العدة كما في (ح) عن المشذالي وغيره قائلاً هو صريح القرآن الكريم، وإنما حملنا النظم على ما إذا مات في بطنها ولم تضعه لأنه الذي فيه النزاع وهو المتوهم، وأما إذا مات بعد وضعه أو وضعته ميتاً فقد خرجت من عدتها فلا يتوهم أحد استمرار شيء من النفقة والكسوة والإسكان لها. (واستثن) أمر (سكنى) مفعوله (إن يمت) شرط (من) فاعله (طلقا) صلة والمعنى أن المطلق إذا مات قبل وضع الحمل، أو قبل انقضاء العدة إن لم تكن حاملاً فإن النفقة والكسوة يسقطان وتبقى السكنى للوضع وانقضاء العدة لأنها حق تعلق بذمته فلا يسقطه الموت كسائر الديون كان المسكن له أم لا. نقد كراء أم لا. ويؤخذ الكراء من رأس ماله بخلاف الرجعية أو التي في العصمة فلا يستمر لها السكنى إن مات إلا إن كان له أو نقد كراءه كما يأتي، وهذا الشطر كالاستثناء المنقطع لأن المستثنى منه موت الحمل وهذا موت الزوج المطلق، وأيضاً الحكم في المستثنى وهو سقوط النفقة والكسوة وبقاء السكنى هو الحكم في المستثنى منه كما قررنا، فلو قدم هذا الشطر على الذي قبله لكان مستثنى من قوله: زيدت الإنفاق الخ، ويكون الضمير في لها عائداً على النفقة لأنها المحدث عنها والكسوة تابعة لها، ويصح أن يبقى على حاله ويكون مستثنى من مفهوم قوله: إن مات حمل أي فإن لم يمت فيستمران إلا إن مات المطلق فيسقطان وتبقى السكنى أي: واستثنى السكنى مما إذا لم يمت الحمل ومات المطلق، وإنما سقطت الكسوة والنفقة حينئذ لأن الحمل صار وارثاً ولا نفقة لأمه في ماله أيضاً بل هي التي تنفق على نفسها ولا ترجع بشيء كما في المقصد المحمود وغيره. (وفي الوفاة) يتعلق بقوله (تجب السكنى) فاعل (فقد) اسم فعل بمعنى اكتف ويصح أن يكون بمعنى حسب (في داره) يتعلق بالسكنى (أو ما) موصولة معطوفة على داره واقعة على البيت أو المسكن (كراءه) مفعول بقوله (نقد)، والجملة صلة والرابط الضمير في كراءه، والمعنى أن التي توفي عنها زوجها وهي في عصمته أو رجعية تجب لها السكنى فقط كانت حاملاً أم لا بشرطين. أحدهما: أن يكون قد دخل بها فإن لم يدخل بها أصلاً أو دخل بها وهي غير مطيقة فلا سكنى لها لأن الدخول بغير المطيقة كالعدم إلا أن تكون صغيرة لا يوطأ مثلها وأسكنها معه في حياته ثم مات فلها السكنى حينئذ في العدة. عند ابن القاسم، لأن إسكانها معه بمنزلة دخولها بها. ثانيهما: أن يكون المسكن مملوكاً له أو نقد كراءه قبل موته فإن انقضت مدة النقد قبل انقضاء مدة العدة لم يلزم الوارث سكناها بقية المدة، وظاهره أن لها السكنى فيما نقده كان الكراء وجيبة أي مدة معينة أو مشاهرة ككل شهر أو يوم أو سنة بكذا وهو كذلك، ومفهومه أنه إذا لم ينقد لا سكنى لها وجيبة كان أيضاً أو مشاهرة وهو كذلك على المعتمد، وقيل: لها السكنى في الوجيبة لأنها بمنزلة النقد وإن لم ينقد بالفعل (خ): وللمتوفى عنها السكنى إن دخل والمسكن له أو نقد كراءه لا بلا نقد وهل مطلقاً أو إلا الوجيبة تأويلان. اهـ. فقول الناظم: وفي الوفاة هو على حذف مضاف وأل عوض عن الضمير أي وفي عدة وفاته، ولا تجب عدة الوفاة إلا إذا مات عنها وهي في عصمته أو رجعية، وأما إن مات عنها وهي مطلقة بائنة فعليها عدة الطلاق وتجب لها السكنى مطلقاً كان المسكن له أو نقد كراءه أم لا كما مر. ولما كانت الحامل قد يطول حملها فتستمر نفقتها وكسوتها وسكناها إن كانت مطلقة أو سكناها فقط إن كانت متوفى عنها احتاج إلى بيان أقصى الحمل فقال: (وخمسة الأعوام) مبتدأ (أقصى الحمل) خبره فإذا مضى للبائن ثلاثة أشهر من طلاقها فقالت إن عدتها لم تنقض وكانت متهمة حلفت سواء كانت محجورة أم لا، لأن الدعوى عليها في بدنها وتمادت على سكناها إلى انقضاء السنة وللزوج إحلافها في كل ثلاثة أشهر فإذا انقضت السنة نظر إليها النساء فإن أحسسن بريبة وشككن هل حركة ما في بطنها حركة ولد أو حركة ريح حلفت أيضاً أن عدتها لم تنقض وتمادت في السكنى إلى انقضاء خمسة أعوام فتنقطع سكناها ويحل لها التزوج، وإن قالت أنا باقية على ريبتي لأن خمسة أعوام أمد ينتهي إليه الحمل على المشهور وحكم المتوفى عنها إذا كان المسكن له أو نقد كراءه حكم هذه ثم إنه لا نفقة للمتوفى عنها ولا كسوة كما مر وكذا البائن في هذا الوجه لأن الحمل لم يثبت، وإنما أحست النساء بالريبة فقط فإن ثبت وشهدت القوابل العارفات بأنهن لمسن بطنها لمساً تاماً شافياً فتحقق أن بها حملاً ظاهراً قد تحرك وفشا إلخ. فيزاد لها حينئذ النفقة والكسوة للأمد المذكور، ويجب لها ذلك من أول الحمل كما مرّ فإن انقضى الأمد المذكور والموضوع بحاله من تحقق الولد لم يحل لها التزوج أبداً كما في (ح) عن اللخمي وانظر هل تستمر لها النفقة والكسوة أيضاً وهو الظاهر لقولهم تجب النفقة للحامل ما دام الولد حياً في بطنها أو لا يستمر لها ذلك لطرو الريبة بطول المدة والخروج عن العادة.تنبيه:نقل ابن سلمون عن الاستغناء أن الزوج إذا خاف أن تجحد مطلقته الحيض لتمام المدة وكانت ممن تتهم فله أن يجعل معها امرأة صالحة تترقب ذلك منها وتتعرف أحوالها ويعمل على قولها. اهـ.قلت: وهذا ظاهر ولو على القول المعمول به من أنها لا تصدق في انقضاء عدتها في أقل من ثلاثة أشهر، لأن هذا القول يقول لا تصدق في الانقضاء في أقل من المدة المذكورة، وأما إذا قالت لم تنقض فهي مصدقة عنده وعند غيره ولكنها تحلف كما مر.(وستة الأشهر) مبتدأ (في الأقل) خبره يعني أن أقل الحمل ستة أشهر بإجماع العلماء لقوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} (الأحقاف: 51) مع قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} (البقرة: 233) وقال أيضاً: وفصاله في عامين} (لقمان: 14) فإذا سقطت مدة الفصال التي في الآيتين الأخيرتين من الثلاثين بقي للحمل ستة أشهر، فإذا ولدت المرأة لأقل من ستة أشهر من يوم العقد لم يلحق بالزوج وانتفى عنه بغير لعان كما تقدم في باب اللعان. (وحال ذات) مبتدأ (طلقة) مضاف بعد مضاف (رجعية) نعت لطلقة (في عدة) يتعلق بحال (كحالة الزوجية) خبر. (من واجب) من بمعنى في تتعلق بالاستقرار في الخبر (عليه) يتعلق بواجب (كالإنفاق) خبر لمبتدأ محذوف (إلا) استثناء من عموم كحالة الزوجية (في الاستمتاع) يتعلق بما تعلقت به من الظرفية المتقدمة (بالإطلاق) حال من الاستمتاع، والمعنى أن حال الرجعية وقت عدتها كحال الزوجة التي في العصمة في وجوب النفقة لها وجواز إرداف الطلاق عليها ولزوم الظهار والإيلاء منها وثبوت الميراث وانتقالها لعدة الوفاة في موته عنها وغير ذلك من الأحكام إلا في الاستمتاع بها ولو بنظرة لذة، فإنه يحرم ولا تكون فيه كالزوجة حتى يرتجعها بنية، قال ابن الحاجب: ولو قال نسائي طوالق اندرجت الرجعية (خ): والرجعية كالزوجة إلا في تحريم الاستمتاع والدخول عليها والأكل معها. (وحيث) ظرف مضمن معنى الشرط خافض لشرطه منصوب بجوابه (لا) نافية للجنس (عدة) اسمها (للمطلقة) خبرها، والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها (فليس) جواب الشرط (من سكنى) اسمها جر بمن الزائدة (ولا من نفقة) معطوف على ما قبله وخبرها محذوف للعلم به تقديره لها على الزوج، والمعنى أن المطلقة إذا كانت لا عدة عليها لكونها طلقت قبل البناء أو كانت غير مطيقة وإن وطئت بالفعل لأن وطء غير المطيقة كالعدم أو كان الزوج مجبوباً فإنه لا نفقة لها ولا كسوة ولا سكنى وقد بانت وحلت للأزواج من حينها.والحاصل أنه كلما انتفت العدة انتفى لازمها من السكنى والنفقة ولا عكس، لأنه إذا وجبت العدة فقد ثبتت النفقة والسكنى كما إذا كانت المطلقة حاملاً أو رجعية وقد ينتفيان كما إذا لم تعلم خلوة بينهما وادعت المسيس أو علمت في زيارته لها فعليها العدة لإقرارها بسببها في الأولى ولعلم الخلوة في الثانية وإن لم تقر بالوطء. (خ): تعتد حرة بخلوة بالغ ولا نفقة لها ولا سكنى لأنها مطلقة قبل البناء على زعمه فهي بائن غير حامل، فإن ظهر بها حمل والموضوع بحاله فإن لاعن فيه فلا شيء لها، وإلا فلها النفقة والسكنى كما مر ما لم تضعه لأقل من ستة من يوم العقد وإلا انتفى بغير لعان كما مر. (وليس للرضيع سكنى) اسم ليس خبرها في المجرور قبله (بالقضا على أبيه) يتعلقان بالاستقرار في الخبر (والرضاع) مبتدأ (ما) نافية (انقضى) خبر والجملة حالية مقرونة بالواو يريد أن من طلق زوجته وله معها ولد رضيع، فإنه لا سكنى للرضيع على أبيه لأن مسكنه في مدة الرضاع هو حجر أمه في الغالب قاله ابن عات وغيره. نعم على أبيه نفقته إن كان يأكل مع الرضاع وفهم من قوله والرضاع ما انقضى إلخ. أنه إذا انقضت له مدة الرضاع تكون له السكنى على أبيه وهو كذلك على أحد قولين، وبه العمل فيلزم الأب حظه من كراء البيت (خ) وللحاضنة قبض نفقته والسكنى بالاجتهاد ويكون عليه أيضاً إخدامه بعد تمام الرضاع إذا كان حاله يتسع لذلك كما في ابن سلمون قال: ولا خدمة للحامل ولا للرضيع على زوجها وإن كانت مخدمة قبل الطلاق على ما به العمل إلا أن المرضع يزاد لها ما تتقوى به في الأجرة بسبب اشتغالها بالولد اه (خ) وتزاد المرضع ما تقوى به. (ومرضع) بفتح الضاد اسم مفعول مبتدأ (ليس) اسمها ضمير المبتدأ (بذي مال) خبرها جر بالباء الزائدة، والجملة صفة للمبتدأ (على والده) يتعلق بجعلا آخر البيت (ما) مبتدأ ثان (يستحق) صلة والرابط محذوف (جعلا) بالبناء للمفعول خبر ما وما وخبرها خبر الأول، والمعنى أن الرضيع الذي لا مال له يكون جميع ما يحتاج إليه من أجرة الرضاع وغيرها على أبيه الغني، وفهم من قوله: ليس بذي مال إلخ. أن مال الابن يقدم على مال الأب ولو في حياته، وهو كذلك على الراجح من إحدى الطريقتين لأن أجرة الرضاع كالنفقة يبدأ فيها بمال الابن وسيصرح بهذا في قوله: ومن له مال ففيه الفرض حق. وكلام الناظم فيما إذا كانت أمه في العصمة أو رجعية بدليل ما بعده، لكنه أطلق فيشمل علية القدر والتي لا لبن لها لمرض ونحوه وغيرهما مع أن الحكم المذكور خاص بعلية القدر والتي لا لبن لها. وأما غيرهما ولو رجعية فيجب عليها إرضاع ولدها بلا أجر (خ): وعلى الأم المتزوجة إرضاع ولدها بلا أجر إلا لعلو قدر كالبائن الخ فلو زاد الناظم بيتين فقال مثلاً: لوفى بالمراد والدر اللبن، وبالجملة فعلية القدر التي مثلها لا يرضع ولده لعلم أو سرف أو صلاح أو جاه لا يلزمها إرضاع ولدها فإن أرضعته ولو قبل غيرها كانت لها أجرة الرضاع في مال الولد إن كان له مال فإن لم يكن له مال ففي مال الأب فإن لم يكن لهما مال لزمها إرضاعه مجاناً، وإن لم يكن لها لبن استأجرت من يرضعه من مالها، وأما غير علية القدر التي لا لبن لها فإن الأب يستأجر من يرضعه من ماله فإن لم يكن له مال استأجرت من يرضعه من مالها أيضاً. (ومع طلاق) يتعلق بالاستقرار في الخبر المحذوف. (أجرة الإرضاع) مبتدأ خبره محذوف للعلم به أي وأجرة الرضاع واجبة لها عليه مع طلاقها البائن (إلى تمام مدة الرضاع) وهو الحولان وحذف الناظم نعت طلاق كما ترى وهو وارد في التنزيل كقوله تعالى: {إنه ليس من أهلك} (هود: 46) أي الناجين، وقوله: الآن جئت بالحق} (البقرة: 71) أي البين ومن قوله مع طلاق يفهم أن البيت الذي قبله إنما هو في التي في العصمة أو من في حكمها وهي الرجعية كما مر فإن لم ترض هذه البائن بما فرض لها كان للأب أخذه ويدفعه لمن يرضعه، فإن لم يقبل غيرها كان عليها إرضاعه بما فرض لها بالقضاء فإن كان الأب معسراً لا يقدر على أجرة كان عليها إرضاعه مجاناً أو بما يقدر عليه واستأجرت من مالها إن لم يكن لها لبن كما مر، وإذا وجد الأب من يرضعه مجاناً أو بأقل من الأجرة المفروضة فلا ينزعه منها ويلزمه لها أجرة المثل كما أشار له (خ) بقوله ولها إن قبل غيرها أجرة المثل ولو وجد من ترضعه عندها مجاناً على الأرجح في التأويل. (وبعدها) يتعلق بقوله (يبقى) والضمير المؤنث لمدة الرضاع (الذي) فاعل بيبقى (يختص به) صلة والرابط هو الضمير الفاعل بيختص وضمير به للولد (حتى) جارة بمعنى إلى وأن مقدرة بعدها (يرى) بالبناء للمفعول منصوب بأن المقدرة (سقوطها) نائب الفاعل (بموجبه) يتعلق بسقوط، وأن وما دخلت عليه تسبك بمصدر مجرور بحتى يتعلق بيبقى، والمعنى أنه يبقى الذي يختص بالولد بعد مدة الرضاع من نفقة وكسوة وسكنى لازماً لأبيه إلى رؤية سقوطه عنه بموجبه وهو بلوغ الذكر عاقلاً قادراً على الكسب ودخول الزوج بالأنثى كما مرّ في قوله: تنبيه:إذا طلق وادعى العسر بنفقة الولد أو أجرة رضاعه، فإن دعواه لا تقبل ولو أثبتها لأنه قبل الطلاق كان ينفق عليها وعليه واليوم عليه فقط، فهي أخف، اللهم إلا أن يثبت بالبينة أن حالته تغيرت عما كان عليه قبل الطلاق فيحلف حينئذ أنه ما كتم شيئاً ولا يستطيع من النفقة شيئاً ثم يكون رضاعه على الأم ونفقته على المسلمين أو بيت المال قال معناه اللخمي. (وإن تكن) شرط واسمها ضمير المطلقة (مع ذاك) يتعلق بتكن والإشارة إلى كونها مرضعاً (ذات حمل) خبر تكن (زيدت) بالبناء للمفعول (لها) يتعلق به (نفقة) نائب الفاعل (بالعدل). (بعد ثبوته) يتعلقان بزيدت أيضاً، والمعنى أن المطلقة إذا كانت ذات حمل مع كونها مرضعاً فإنه يزاد لها نفقة الحمل والسكنى على أجرة الرضاع لقوله تعالى: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} (الطلاق: 6) الآية وقوله: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} (الطلاق: 6) وليس واجب الإرضاع مسقطاً ما يجب لها لأجل الحمل (ح): وإن كانت مرضعة فلها نفقة الرضاع أيضاً ثم هذه النفقة التي تزاد لها تكون بالعدل بقدر وسعه وحالها والبلد والسعر، وإنما تزاد لها نفقة الحمل بعد ثبوته بشهادة القوابل إنهن لمسن بطنها لمساً تاماً شافياً فتحققن أن بها حملاً ظاهراً قد تحرك وفشا إلخ. فإن سقط من شهادتهن قد تحرك لم يعمل بها لقول ابن رشد المشهور في المذهب أن يحكم للحمل بحركته في وجوب النفقة واللعان عليه، وفي كون الأمة حرة به. اهـ. وقال أيضاً: لا يتبين الحمل في أقل من ثلاثة أشهر ولا يتحرك تحركاً بيناً يصح القطع به على حركته في أقل من أربعة أشهر وعشر. اهـ. فإذا شهدن أنه يتحرك وهو من شهرين أو ثلاثة من يوم حاضت أو ولدت لم يعمل بها أيضاً، وإذا وجبت لها النفقة بحركته فتحاسبه بما مضى من أربعة أشهر من طلاقها. (وحيث) ظرف مضمن معنى الشرط خافض لشرطه منصوب بجوابه (بالقضا) ء يتعلق بقوله: (تؤخذ) ونائبه ضميرالنفقة، والجملة في محل جر بإضافة حيث (وانفش) معطوف على تؤخذ وفاعله ضمير الحمل (فمنها) يتعلق بقوله (تقتضى) بالبناء للمفعول ونائبه ضمير النفقة والجملة جواب حيث والفاء رابطة. (وإن يكن) شرط (دفع) اسمها (بلا سلطان) خبرها (ففي رجوعه به) خبر (قولان) مبتدأ والجملة جواب الشرط، والمعنى أن الحامل إذا ثبت حملها وأخذت النفقة بحكم الحاكم ثم بعد ذلك أنفش حملها، وتبين أنه لا حمل بها، وإنما هو ريح أنفش فإن النفقة التي أخذت تقتضي منها أي تؤخذ منها كلها، وكذا الكسوة ولو بعد أشهر وإن كانت النفقة دفعت لها بغير حاكم وهو مراده بقوله بلا سلطان، وأنفش الحمل كما هو الموضوع فهل يرجع الزوج بها أم لا؟ قولان في المذهب، والمشهور منهما الأول كما هو ظاهر قول (خ) وردت النفقة كانفشاش الحمل الحمل الخ، وظاهره أيضاً أنفق عليها بعد ظهوره وثبوته أو قبلهما، وهو كذلك كما لشراحه. ومفهوم قول الناظم: أنفش أنه إذا لم ينفش بل ولدته ومات أو أسقطته ميتاً فلا رجوع عليها بشيء، وهو كذلك، وإذا تنازعت مع الزوج فادعت أنها أسقطته وادعى هو أنه ريح أنفش، فالقول قولها ولو لم يوجد له أثر بلا يمين كما أشار له (خ) أيضاً بقوله وصدقت في انقضاء عدة الإقراء والوضع بلا يمين. (ومن) مبتدأ موصول واقع على الولد الصغير (له مال) مبتدأ وخبر صلته (ففيه) يتعلق بحق آخر البيت (الفرض) مبتدأ (حق) بضم الحاء فعل ماض ونائبه ضمير الفرض، والجملة خبر عن الفرض، والجملة من هذا المبتدأ وخبره خبر الموصول ودخلت الفاء في خبره لشبه الموصول بالشرط في العموم والإبهام (وعن أب) يتعلق بقوله (يسقط كل) فعل وفاعل (ما) مضاف إليه موصول وصلته جملة (استحق) بالبناء للفاعل وفاعله ضمير من والرابط محذوف، والمعنى أن كل ولد صغير كان له مال ورثه من أمه أو تصدق به عليه ونحو ذلك فإن لأبيه أن يفرض نفقته وكسوته وأجرة رضاعه فيه وسواء كان المال عيناً أو عرضاً، ويرجع الأب بما أنفق عليه من ماله الخاص به إن كان مال الابن عرضاً فقط، وجرت عادة البلد برجوع الآباء على الأبناء كما مرّ عند قوله: ومنفق على صغير مطلقاً إلى آخر الأبيات، وإذا أنفق عليه في ختنه وعرسه وعيده فلا يلزمه إلا ما كان معروفاً لا ما كان سرفاً (خ): والنفقة على الطفل بالمعروف، وفي ختنه وعرسه وعيده. ابن القاسم: ما أنفقه على اللعابين في عرسه ونحوه لا يلزم الولد. (وكل) مبتدأ (ما) مضاف إليه (يرجع) صلة والرابط الفاعل بيرجع (لافتراض) يتعلق به (موكل) بفتح الكاف خبر (إلى اجتهاد القاضي) يتعلق بالخبر المذكور. (بحسب) حال من اجتهاد أو يتعلق بمحذوف أي فيجتهد بحسب إلى آخره، والمعنى أن كل ما يفرض ويقدر من نفقة وكسوة وإسكان وإخدام فهو موكل إلى اجتهاد القاضي حال كون اجتهاده كائناً بحسب جنس (الأقوات) المعتاد أكلها في البلد من قمح أو شعير أو أرز أو ذرة وغير ذلك (و) بحسب (الأعيان) المفروض لها وعليها من غنى وغيره، فلا يلزم الموسر أن ينفق على الفقيرة كنفقته على الغنية ولا يكتفي من غير متسع الحال في إنفاقه على الغنية بما يكفيه في الفقيرة.واعلم أن الأعيان أربعة: غني ومتوسط ومقل وعديم، ولكن فرض عامة الناس عندنا بفاس حرسها الله كما في الشيخ (م): وهو الذي رأيت عملهم اليوم عليه فرض الإقلال كان الزوج رفيعاً أو وضيعاً ولو كان تاجراً إلا إذا أثبت عدمه فيفرض عليه فرض العديم ولا تطلق عليه كما قال (خ) لا أن قدر على القوت وما يواري العورة وأن غنية أي فلا تطلق عليه قال ابن سلمون: فإن ادعى أنه معسر فلا يفرض عليه فرض المعسر حتى يثبت هذا الرسم الذي نصه يعرف شهوده فلاناً ويعلمونه ضعيف الحال بادي الإقلال مقدوراً عليه في رزقه وحاله متصلاً على ذلك حتى الآن وبذلك قيدوا شهادتهم في كذا، فإذا ثبت هذا العقد سقط عنه الإنفاق الذي يلزم الموسر، وكان عليه غليظ الثياب والقوت من الدقيق أو الخبز إن كان لا يستطيع الدقيق وسقط عنه الإدام ويدفع ذلك بالشهر أو بالجمعة أو باليوم. اهـ. فإن ادعى العجز حتى عن الدقيق والخبز يعني بغير إدام فإنها تطلق عليه كما يأتي في الفصل بعده، فإذا علمت هذا فالمتوسط عندنا بفاس هو المقل، ولذا حمل عامة الناس عليه عندنا والعديم قسمان عديم لا يقدر على شيء من النفقة بحال وعديم يقدر على القوت بغير أدام وما يواري العورة من غليظ الثياب فلا تطلق عليه (و) بحسب (السعر) فيوسع في الرخاء دون الغلاء (و) بحسب (الزمان) فليس زمان الشتاء كالصيف (و) بحسب (المكان) إن كان أكل أهل بلدها الشعير ونحوه أكلته وأمر الإدام كذلك فيفرض الماء والزيت والحطب والملح واللحم المرة بعد المرة لمتسع ومرة في كل جمعة لمتوسط ولا يفرض عسل ولا سمن ولا فاكهة إلا أن يكون السمن إداماً لأهل بلدها كما عندنا بفاس فيفرض، وأما أهل البادية فينقص لهم الوقود والصابون والزيت وما عداه يلزمهم. ابن الفخار: يلزم المليء في نفقة زوجته مدان في كل يوم بمده عليه الصلاة والسلام والمتوسط يلزمه مد ونصف. اهـ. ابن الحاجب: وقدر مالك المد في اليوم وقدر ابن القاسم ويبتين ونصفاً في الشهر إلى ثلاثة لأن مالكاً بالمدينة وابن القاسم بمصر، ضيح: المراد بالمد هنا الهاشمي وهو المنسوب إلى هاشم بن إسماعيل المخزومي وكان أميراً بالمدينة في خلافة هشام بن عبد الملك وقدره مد وثلثان بمده (صلى الله عليه وسلم)، والويبة اثنان وعشرون مداً بمده (صلى الله عليه وسلم). اهـ. وما تقدم في قدر المد الهاشمي هو المشهور، وقيل هو مد وثلث وقيل مدان حكى هذه الأقوال ابن الحاجب، وأمر الكسوة يعتبر فيه ما تقدم في النفقة من الأعيان والسعر والزمان والمكان فإن كانت حديثة عهد بالبناء فليس عليه سوى شورتها التي تجهزت بها إليه من ملبس وغطاء ووطاء، وإن لم يكن في صداقها ما تتشور به أو لقلته أو بعد عهدها بالبناء حتى خلقت شورتها فعليه كسوتها يفرض لها في الصيف ما يليق به، وفي الشتاء ما يليق به وليس المراد أن يكسوها في كل صيف وشتاء بل حتى تخلق كسوة كل منهما ابن سلمون قال بعض المفتين: إن كان الصداق واسعاً فلا كسوة لها عليه قبل العام، وإن كان ضيقاً فعليه الكسوة معنى طلبتها. اهـ.قلت: الظاهر أن المعتمد هو الأول وإن ذلك لا يضبط بعام ولا بغيره وإنما المدار على اختلاف شورتها، ثم إن الحاكم مخير إن شاء آخذ الزوج بما يفرض عليه بعينه، وإن شاء آخذه بثمنه (خ): ويجوز إعطاء الثمن عما لزمه لزوجته من الأعيان المفروضة. ابن بشير: لو أراد الزوج أن يدفع إلى المرأة ما فرض لها وطلبت هي ثمنه لكان لها ذلك. اهـ. والعادة عندنا بفاس أن تفرض الأثمان إلا الطعام فيفرض بعينه، وإذا فرضت الأعيان وقبضتها فإنها تدخل في ضمانها بالقبض (خ) وضمنت بالقبض كنفقة الولد إلا لبينة إلخ. وللقاضي العدل سيدي محمد بن سودة رحمه الله نظم فيما يفرض رأيت إثباته هنا زيادة للإيضاح، وإن كان فيه مخالفة لبعض ما تقدم ونصه:
|