الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
ثم قبض السلطان على الأمير بكتمر جلق أحد أمراء الطبلخانات وتنكزبغا الحططي أحد أمراء الطبلخانات أيضًا ورأس نوبة وقرمان المنجكي وكمشبغا الخضري وخضر بن عمر بن بكتمر الساقي وعلي بن بلاط الفخري ومحمد بن يونس النوروزي وألجيبغا السلطاني وأرغون السيفي وأحمد بن أرغون شاه والجميع من أصحاب أيتمش. ثم رسم السلطان فكتب بإحضار الأمير سودون أمير آخور المعروف بسيدي سودون والأمير تمراز الناصري من سجن الإسكندرية والأمير نوروز الحافظي الأمير آخور الكبير كان من ثغر دمياط وسارت القضاة لإحضارهم فوصلوا في العشرين منه وقبلوا الأرض بين يدي السلطان ونزلوا إلى دورهم. وفي
من حسين شاه الطرنطائي حاجب الحجاب عوضًا عن الأمير فارس الأعرج وآستقر الأمير دقماق المحمدي المعزول عن نيابة ملطية باستقراره حاجبًا ثانيًا عوضًا عن يعقوب شاه بحكم عصيانهما مع أيتمش. ثم في ثالثه خلع السلطان على كل من الأمير أسنبغا العلائي الدوادار والأمير قماري الأسنبغاوي والي باب القلة ومنكلي بغا الصلاحي الدوادار وسودون المأموري باستقرارهم حجابًا واستقر تمربغا المحمدي نائب القلعة. وأما الأمير تنم فإنه لما جاءه خبر أيتمش ترك حصار حماة وعاد إلى دمشق ثم خرج إلى لقاء أيتمش وأصحابه في خامس شهر ربيع الأخر إلى ظاهر دمشق. فلما عاينهم ترجل عن فرسه وسلم عليهم وبالغ في إكرامهم وعاد بهم إلى دمشق وقدم إليهم تقادم جليلة لا سيما الوالد فإن تنم قام بخدمته زيادة عن الجميع حتى يزول ما كان عنده حسب ما تقدم ذكره: وسببه أنه كان وغر خاطر أستاذه الملك الظاهر برقوق عليه حتى عزله عن نيابة حلب فأخذ تنم يعتذر إليه ويتلطف به حتى زال ما كان عنده من الكمائن القديمة وصار من أعظم أصحابه وحلفه على موافقته وحلف له ووعده بأمور كثيرة يستحيا من ذكرها. ثم كتب الوالد إلى الأمير دمرداش المحمدي نائب حماة بالدخول في طاعة تنم حسب ما يأتي ذكره. ثم قدم على الأمير تنم كتاب الملك الناصر فرج يأمره بمسك الأتابك أيتمش وبمسك الوالد ومن قدم معهما فأخذ تنم الكتاب وأتى به إلى أيتمش ورفقته وقرأه عليهم بالقصر الأبلق من الميدان فضحك الوالد وقال له: امتثل مرسوم السلطان وافعل ما أمرك به فتبسم تنم وقال له: " بالله عليك زول ما عندك وطيب قلبك " وقام وعانقه ثم تكلم تنم مع الأمراء فيما يفعله في أمر دمرداش نائب حماة فأشار الوالد بأنه يتوجه إليه صحبة الأمير الكبير أيتمش ثم يتوجهان أيضًا إلى نائب حلب يدعوانه إلى طاعة تنم وموافقته فقال: " هذا الذي كان في خاطري فإن دمرداش لا يسمع لأحد غيرك " وخرجا بعد أيام إلى جهة حماة فأجاب دمرداش بالسمع والطاعة ودخل تحت طاعة تنم ووعد بالقيام بنصرته ثم عاد الوالد وأيتمش إلى دمشق فسر تنم بذلك غاية السرور. ثم قدم دمرداش بعد ذلك بأيام إلى دمشق فخلع عليه تنم باستمراره على نيابة حماة وأنعم عليه بأشياء كثيرة وتوجه إلى حماة. ثم أخذ الجميع في التأهب إلى قتال المصريين. وأما ما وقع بالديار المصرية من الولايات والعزل فإنه لما كان العشر الأخير من شهر ربيع الآخر خلع السلطان على الأمير بيبرس الدوادار باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضًا عن الأمير أيتمش البجاسي وأنعم عليه بإقطاعه إلا النحريرية ومنية بدران وطوخ الجبل فغضب بيبرس بسبب ذلك فلم يلتفت إلى غضبه وأنعم بإقطاع الوالد ووظيفته على نوروز الحافظي وأنعم على تمراز الناصري بإقطاع أرغون شاه أمير مجلس وأنعم على سودون أمير آخور بإقطاع يعقوب شاه الحاجب وأنعم بإقطاع بيبرس على بكتمر الركني وبإقطاع بكتمر على دقماق المحمدي نائب ملطية كان وبإقطاع دقماق على جركس القاسمي المصارع واستقر أمير طبلخاناه وأنعم على كل من كزل الناصري وقماري الاسنبغاوي وشاهين من شيخ الإسلام وشيخ السليماني وبشباي من باكي وتمربغا الظاهري وجكم من عوض وصوماي وتمر الساقي وإينال حطب وقاني باي العلائي وسودون المأموري وألطنبغا الخليلي ومجترك القاسمي وكزل المحمدي وبيغان الإينالي بإمرة عشرين وأنعم على كل من أزبك الرمضاني وأسندمر العمري وقرقماس السيفي ومنكلي بغا الصلاحي وآقبغا الجرجوي وطيبغا الطولوتمري وقاني باي من باشاه ودمرداش الأحمدي وآقباي السلطاني وأرغون شاه الصلاحي ويونس العلائي وجمق ونكباي الأزدمري وقاني بك الحسامي وبايزير من بابا وآقبغا المحمدي وسودون الشمسي وسودون البجاسي وتمراز من باكي وسودون النوروزي وأسنبغا المسافري وقطلوبغا الحسني وقطلقتمر المحمدي وسودون الحمصي وسودون القاسمي وأرزمك وأسنباي بإمرة عشرة وحلفوا الجميع على طاعة السلطان والسفر معه لقتال تنم. ولما بلغ المماليك السلطانية سفر السلطان إلى الشام امتنعوا وهددوا الأمراء وأكثروا من الوعيد فخاف سودون طاز وتأخر عن الخدمة السلطانية ثم آتفقت المماليك المذكورة وتوجهوا إلى الأمير يشبك وهو متوعك وحدثوه في أمر السفر فاعتذر لهم بما هو فيه من الضعف ثم وقع الخلف بين الأمير سودون قريب الملك الظاهر المعروف بسيدي سودون وبين الأمير سودون طاز وتسابا بسبب سكنى الإسطبل السلطاني بالحراقة وعلى وظيفة الأمير آخورية وكادا يقتتلان ثم وقع أيضًا بين الأمير سودون طاز المذكور وبين الأمير جركس القاسمي المصارع تنافس وتقابضا بالأطواق ولم يبق إلا أن تثور الفتنة حتى فرق الأمراء بينهما وصارت المملكة بأيدي هؤلاء الأمراء وكل من أراد شيئًا فعله فصار الرجل يلي الوظيفة من سعي فلان وينزل إلى داره فيعزل في الحال بأمر غيره وكل أحد يتعصب لواحد وكل منهم يروم الرتب العلية. هذا ومثل تنم وأيتمش ورفقتهما في طلبهم وفي القصد إلى الديار المصرية. ثم أخذ نوروز يسكنهم عن إثارة الفتنة ويخوفهم عاقبة تنم حتى عملوا مشورة بين يدي السلطان بسبب قتال تنم وغيره فحضر جميع الأمراء ورتبوا أمورًا منها إقامة نائب بالديار المصرية وعينوا عدة تشاريف. فلما كان يوم الخميس ثاني عشر شهر ربيع الآخر خلع السلطان على الأمير سودون طاز باستقراره أمير أخورًا كبيرًا عوضًا عن سودون الطيار لتأخره بدمشق عند تنم وخلع على الأمير مبارك شاه باستقراره حاجبًا ثالثًا بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية وهذا بخلاف العادة. ثم خلع على بعض الأمراء واستقر حاجبًا ثامنًا وهذا أيضًا بخلاف العادة لأن في القديم كان بمصر ثلاثة حجاب - أعني بالقديم في دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون - ثم لا زال الملك الظاهر برقوق يزيد الحجاب حتى صار عدتهم ستة وذلك في أواخر دولته والآن صاروا ثمانية وكان هذا أيضًا مما عابه الأمير تنم على أمراء مصر فيما فعلوه. قلت: والسكات أجمل فإن تلك الحجاب الثمانية كان فيهم ثلاثة أمراء ألوف وثلاثة طبلخاناه وأما يومنا هذا ففيه بمصر أزيد من عشرين حاجبًا ما فيهم أمير خمسة بل الجميع أجناد وفيهم من جنديته غير كاملة والحاجب الثاني أمير عشرة فسبحان الحليم الستار. ثم بعد أيام خلع السلطان على الأمير نوروز الحافظي باستقراره رأس نوبة الأمراء وعلى الأمير تمراز باستقراره أمير مجلس وعلى الأمير سيدي سودون باستقراره دوادارًا كبيرًا عوضًا عن بيبرس وكانت شاغرة منذ انتقل بيبرس عنها إلى الأتا بكية. وهذا كله بعد أن ورد الخبر على الملك الناصر بخروج الأمير تنم من دمشق يريد القاهرة فعندئذ أمر السلطان بأن يخرج ثمانية أمراء من مقدمي الألوف بألف وخمسمائة مملوك من المشتروات وخمسمائة مملوك من مماليك الخدمة وأن يخرجوا في أول جمادى الآخرة فمنهم من أجاب ومنهم من قال: " لابد من سفر السلطان ". واختلف الرأي وانفضوا على غير شيء ونفوسهم متغيرة من بعضهم على بعض كل ذلك والأمراء تكذب خروج تنم من دمشق حتى علق جاليش السفر على الطبلخاناه السلطانية ووقع الشروع في النفقة للأمراء فحمل إلى كل من ثلاثة ثم خرجت مدورة السلطان وخيامه ونصبوا خارج القاهرة تجاه مسجد التبن. ثم خلع السلطان على الأمير بكتمر الركني باستقراره أمير سلاح عوضًا عن الوالد وكانت شاغرة عنه منذ توجه مع أيتمش إلى الشام. وبينما السلطان في ذلك قدم علاء الدين علي بن المكللة والي منفلوط وأخبر أن ألطنبغا نائب الوجه القبلي خرج هو ومحمد بن عمر بن عبد العزيز الهواري عن الطاعة وكبسا عثمان بن الأحدب ففر ابن الأحدب إلى جهة منفلوط وتبعاه إليها وأخرباها فرسم السلطان لكل من الأمير بيبرس والأمير إينال باي من قجماس وآقباي بن حسين شاه حاجب الحجاب وسودون من زادة وإينال حطب رأس نوبة وبيسق الشيخي الأمير أخور الثاني وبهادر فطيس الأمير أخور الثالث أن يتوجهوا إلى بلاد الصعيد لقتال ألطنبغا وابن عمر الهواري فلم يوافقوا على ذلك ولا سار أحد. ثم قدم الخبر على السلطان بأن الأمير دمرداش المحمدي نائب حماة قدم على الأمير تنم بدمشق بعساكر حماة وأن الأمير آقبغا الجمالي الأطروش نائب حلب لما برز هو أيضًا من حلب يريد المسير إلى دمشق ثار عليه جماعة من أمراء حلب وقاتلوه فكسرهم وقبض على جماعة منهم ثم سار إلى دمشق فسر بقدومه تنم وأكرمه غاية الإكرام وإنه قد خرج من دمشق من أصحاب تنم الأمير أرغون شاه البيدمري أمير مجلس والأمير يعقوب شاه وفارس حاجب الحجاب وصرق وفرج بن منجك إلى غزة فعند ذلك خلع السلطان على الأمير عمر بن الطحان حاجب غزة باستقراره في نيابة غزة وعلى سودون حاجبها الصغير باستقراره حاجب حجاب غزة عوضًا عن ابن الطحان المذكور. ثم قدم الخبر على السلطان بأن عساكر تنم خرجوا من دمشق في يوم خامس عشرين جمادى الآخرة فأمر السلطان الأمير سودون المأموري الحاجب بالتوجه إلى دمياط لينقل منها الأمير يلبغا الأحمدي المجنون الأستادار كان والأمير تمربغا المنجكي وطغنجي وبلاط السعدي وقراكسك إلى سجن الإسكندرية. هذا وقد تجهزت العساكر المصرية للسفر صحبة السلطان لقتال تنم وتهيأ الجميع. فلما كان يوم الاثنين رابع شهر رجب نزل السلطان الملك الناصر من القلعة إلى الريدانية خارج القاهرة وأصبح من الغد خلع على الأمير الكبير بيبرس باستقراره في نظر البيمارستان المنصوري وبنيابة الغيبة بالديار المصرية وخلع على الأمير نوروز الحافظي رأس نوبة الأمراء باستقراره في نظر الخانقاه الشيخونية ثم أصبح من الغد سادس الشهر خلع السلطان على الأمير نوروز المذكور بتقدمة العساكر ثم أنفق السلطان على جماعة من المماليك السلطانية بنحو خمسة وعشرين ألف دينار إنعامًا. وفي اليوم المذكور رحل جاليش السلطان من الريدانية وفيه من الأمراء نوروز الحافظي مقدم العساكر وبكتمر الركني المعروف بباطيا أمير سلاح وتمراز الناصري أمير مجلس ويلبغا الناصري وسودون الدوادار المعروف بسيدي سودون وشيخ المحمودي هو المؤيد ودقماق المحمدي الحاجب الثاني والجميع مقدمو ألوف. ثم رحل السلطان بعدهم في يوم الجمعة ثامنه ببقية العساكر وعدة ما سار أولًا وثانيًا سبعة آلاف فارس وهذا سوى من أقام بالقاهرة وهم أيضًا عدة كبيرة من الأمراء والمماليك. فأما الأمراء فكان بالقاهرة الأتابك بيبرس وآقباي حاجب الحجاب وأقام بقلعة الجبل الأمير إينال باي بن قجماس أحد مقدمي الألوف وإينال حطب رأس نوبة وأقام بالإسطبل السلطاني سودون من زادة وبهادر فطيس وبيسق الشيخي أمير أخور ثاني وأقام عند هؤلاء جماعة كبيرة من المماليك السلطانية. وأما تنم فكان من خبره أنه قدم جماعة من أمرائه وعساكره إلى مدينة غزة حسب ما ذكرناه وهم: الأمير أرغون شاه البيدمري أمير مجلس وفارس حاجب الحجاب ويعقوب شاه وصرق والأمير فرج بن منجك فتوجهوا أمامه بعساكر كثيرة. ثم قدم على تنم الأمير يونس بلطا نائب طرابلس بعساكرها وغيرهم ومعه الأمير أحمد بن يلبغا أمير مجلس. وكان قدم على تنم قبله نائب حلب الأمير آقبغا الجمالي الأطروش ونائب حماة الأمير دمرداش المحمدي فخرج هؤلاء النواب أيضًا أمام تنم إلى جهة غزة ثم تبعهم الأمير تنم ومعه الأتابك أيتمش والوالد وبقية عساكره بعد أن جعل الأمير جركس المعروف بأبي تنم نائب الغيبة بدمشق وعنده جماعة أخر من أعيان الأمراء ثم خرج بعد الأمير تنم الأمير يونس بلطا نائب طرابلس وسار تنم في عساكر عظيمة إلى الغاية وكان قبل سفره بدمشق منذ قدم عليه أمراء مصر يعمل كل يوم موكبًا أعظم من الآخر حتى قيل إن موكبه كان يضاهي موكب أستاذه الملك الظاهر برقوق بل أعظم وكان يركب بالدف والشبابة والشعراء الجاووشية ويركب في خدمته من الأتابك أيتمش إلى من دونه من أمراء الألوف وهم نحو خمسة وعشرين أميرًا من أمراء الألوف سوى أمراء الطبلخانات والعشرات وذلك خارج عن التركمان والأعراب والعشير وكانوا أيضًا جمعًا كبيرًا إلى الغاية وآخر موكب عمله بدمشق كان فيه عساكر دمشق بتمامها وكمالها وعساكر حلب وطرابلس وحماة وجماعة كبيرة من عظماء أمراء الديار المصرية أعني أيتمش ورفقته وكان الجميع قد أذعنوا لتنم بالطاعة حتى إنه لم يشك أحد في سلطنته حتى ولا أمراء مصر أخصامه فإنهم كتبوا له في الصلح غير مرة وفي المستقبل أيضًا حسب ما يأتي ذكره. وأنفق تنم في العساكر من الأموال ما لا يحصى. وأما أمراء الديار المصرية فإنه لما سافر السلطان إلى جهة تنم بعساكره في ثامن الشهر قدم الخبر في صبيحته على الأمير بيبرس وهو يوم السبت من البحيرة بأن الأمير سودون المأموري الحاجب أخذ الأمراء من ثغر دمياط وسار بهم نحو الإسكندرية فلما وصل بهم إلى ديروط لقيه الشيخ المعتقد عبد الرحمن ابن نفيس الديروطي وأضافه فعندما قعد الأمير سودون المأموري هو والأمراء للأكل قام يلبغا المجنون ووثب هو ورفقته من الأمراء على سودون المأموري وقبضوا عليه وعلى مماليكه وقيدوهم بقيودهم وبينما هم في ذلك قدمت حراقة من القاهرة فيها الأمير كمشبغا الحضري وإياس الكمشبغاوي وجقمق البجمقدار وأمير آخر والأربعة في القيود فدخلت الحراقة بهم إلى شاطىء ديروط ليقضوا حاجة لهم فأحاط بهم يلبغا المجنون وخلص منهم الأربعة المقيدين وأخذهم إلى أصحابه. ثم كتب يلبغا إلى نائب البحيرة بالحضور إليه وأخذ خيول الطواحين وركب هو ورفقته من الأمراء وسار بهم إلى مدينة دمنهور وطرقها بغتة وقبض على متوليها وأتته العربان من كل فج حتى صار في عدد كبير. ثم نادى بإقليم البحيرة بحط الخراج عن أهلها عدة سنين وأخذ مال السلطان الذي استخرج من تروجة وغيرها وبعث يستدعي بالمال من النواحي فراعاه الناس فقد كان ولي وظيفة الأستادارية سنين كثيرة فكتب بيبرس بذلك يعرف السلطان والأمراء فوردت كتبهم إلى نائب الإسكندرية بالاحتراز على مدينة إسكندرية وعلى من عنده من الأمراء المسجونين وكتب السلطان أيضًا إلى أكابر العربان بالبحيرة بالإنكار عليهم وبإمساك يلبغا المجنون ورفقته وكتب السلطان أيضًا للأمير بيبرس أن يتجرد هو وآقباي الحاجب وإينال باي بن قجماس وبيسق أمير آخور وإينال حطب رأس نوبة وأربعمائة مملوك من المماليك السلطانية لقتال يلبغا المجنون وكتب السلطان مثالًا إلى عربان البحيرة بحط الخراج عنهم مدة ثلاث سنين. وأما يلبغا المجنون فإنه عدى من البحيرة إلى الغربية خوفًا من عرب البحيرة ودخل المحلة ونهب دار الكاشف ودار إبراهيم بن بدوي كبيرها وقبض عليه وأخذ منه ثلاثمائة قفة فلوس. ثم عدى بعد أيام من سمنود إلى بر أشموم طناح وسار إلى الشرقية ونزل على مشتول الطواحين وسار منها إلى العباسة فارتخت القاهرة وبعث الأمير بيبرس إلى بر الجيزة حيث الخيول مربوطة به على الربيع فأحضروها إلى القاهرة خوفًا من يلبغا لئلا يطرقها على حين غفلة. وبينما بيبرس في ذلك ورد عليه الخبر بمخامرة كاشف الوجه القبلي مع العرب فاضطرب بيبرس وخاف على القاهرة وكان فيه لين جانب وانعكاف على اللهو والطرب فشرع بيبرس في استخدام الأجناد وأراد بيبرس الخروج إلى يلبغا المجنون فمنع وخرج إليه الأمير آقباي الحاجب ويلبغا السالمي وبيسق أمير آخور ومحمد بن سنقر في ثلاثمائة مملوك من المماليك السلطانية كما سنذكره. وأما السلطان الملك الناصر فإنه لما سار بعساكره من الريدانية استقل بالمسير من يومه حتى نزل على منزلة تل العجول خارج مدينة غزة في ثامن عشر رجب وأقام به يومه فلم يلبث إلا وجاليش الأمير تنم طرقه ومقدم العسكر المذكور الوالد وصحبته من أكابر الأمراء والنواب: آقبغا الجمالي نائب حلب ودمرداش المحمدي نائب حماة وألطنبغا العثماني نائب صفد وجقمق الصفوي نائب ملطية وجماعة أخر. ومن أكابر الأمراء: أرغون شاه أمير مجلس وفارس الحاجب وآقبغا الطولوتمري اللكاش ويعقوب شاه وجماعة كبيرة من الأمراء والعساكر فركبت العساكر المصرية في الحال وقاتلوهم من بكرة النهار إلى قريب الظهر وكل من الفريقين يبذل جهده في القتال والحرب تشتد بينهم إلى أن خرج من جاليش عسكر تنم دمرداش المحمدي نائب حماة بمماليكه وطلبه ثم تبعه ألطنبغا العثماني نائب صفد بطلبه وعساكره ثم صراي تمر الناصري أتابك حلب بمماليكه ثم جقمق الصفوي نائب ملطية بطلبه ومماليكه ثم فرج بن منجك أحد أمراء الألوف بطلبه ومماليكه ثم تبعهم عدة أمراء أخر فعند ذلك انهزم الوالد بمن بقي معه إلى نحو الأمير تنم وملك السلطان الملك الناصر مدينة غزة ونزل على وأما تنم فإنه نزل بعساكره على مدينة الرملة واجتمع عليه الوالد بها بمن بقي معه في العساكر الشامية وقص عليه ما وقع من أمر القتال وهروب الأمراء من عسكره فتأثر تنم قليلًا. ثم أراد القبض على الأمير بتخاص فمنعه بعض أصحابه من ذلك ثم أخذ يتهيأ لقتال المصريين ولم يكترث بما وقع لجاليشه لكثرة عساكره وقوته بمن بقي معه من أكابر الأمراء وغيرهم. وأما العسكر السلطاني المصري فإنهم لما دخلوا إلى غزة بلغهم أن تنم إلى الآن لم يصل إلى الرملة بعساكره وإنما الذي قاتلهم هو جاليش عسكره فكثر عند ذلك تخوفهم منه وداخلهم الرعب وعملوا بسبب ذلك مشورة فاتفق الرأي أن يتكلموا معه في الصلح وأرسلوا إليه من غزة قاضي القضاة صدر الدين المناوي الشافعي ومعه المعلم نصر الدين محمد الرماح أمير آخور وطغاي تمر مقدم البريدية فخرجوا الجميع من غزة في يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر رجب وكتب لتنم صحبتهم أمان من السلطان وأنه باق على كفالته بدمشق إن أراد ذلك وإلا فيكون أتابك العساكر بمصر وإليه تدبير ملك ابن أستاذه الملك الناصر فرج لا يشاركه في ذلك أحد. ثم كتب إليه أعيان الأمراء يقولون: " أنت أبونا وأخونا وأستاذنا فإن أردت الشام فهي لك وإن أردت مصر كنا مماليكك وفي خدمتك فصن دماء المسلمين ودع عساكر مصر في قوتها فإن خلفنا مثل تيمورلنك " وأشياء كثيرة من أنواع التضرع إليه فسار إليه قاضي القضاة المذكور برفيقيه حتى وافاه بمدينة الرملة وهو بمخيمه على هيئة السلطان والأتابك أيتمش عن يمينه والوالد عن يساره وبقية الأمراء على منازلهم ميمنة وميسرة فلما عاين تنم قاضي القضاة المذكور قام له واعتنقه وأجلسه بجانبه فحدثه قاضي القضاة المذكور في الصلح وأدى له الأمان ووعظه وحفره الشقاق والخروج عن الطاعة ثم كلمه ناصر الدين الرماح وطغاي تمر بمثل ذلك وترققا له عن لسان الأمراء وأن السلطان هو ابن الملك الظاهر برقوق " ليس له من يقوم بنصرته غيرك " فقال تنم: أنا مالي مع السلطان كلام ولكن يرسل إلي يشبك الشعباني وسودون طاز وجركس المصارع وعدد جماعة أخر كثيرة " ويعود الأمير الكبير أيتمش وجميع رفقته على ما كانوا عليه أولًا فإن فعلوا ذلك وإلا فما بيني وبينهم إلا السيف ". وصمم على ذلك فراجعه قاضي القضاة غير مرة فيما يريده غير ذلك فأبى إلا ما قاله فعند ذلك قام القاضي من عنده فخرج معه تنم إلى ظاهر مخيمه يوادعه فلما قدم صدر الدين المناوي على الملك الناصر وأعاد عليه الجواب قال السلطان: " أنا ما أسلم لا لاتي لأحد " - يعني عن يشبك الشعباني. وانفض الأمراء وقد أجمعوا على قتاله. وركب تنم بعساكره من مدينة الرملة يريد جهة غزة وركب السلطان بعساكره من غزة يريد الرملة إلى أن أشرف على الجيتين قريب الظهر فعاين تنم وقد عبأ عساكره وهم نحو الخمسة آلاف فارس ونحو ستة آلاف راجل وصف الأطلاب فعبى أيضًا الأمراء عسكر السلطان ميمنة وميسرة وقلبًا في قلب في قلب ولكل جملة رديف وكان ذلك تعبئة ناصر الدين المعلم أخذت أنا هذه التعبئة عن الأتابك آقبغا التمرازي عنه انتهى. ثم تقدم العسكران وتصادما فلم يكن إلا أسرع وقت وكانت الكسرة على تنم وانهزم غالب عسكره من غير قتال خذلانًا من الله تعالى لأنه تقنطر عن فرسه في أوائل الحرب فانكسرت عساكره لتقنطره في الحال ولوقوعه في الأسر وقبض عليه وعلى جماعة كبيرة من أعيان أصحابه من أكابر الأمراء والنواب. ولقد سألت جماعة من أعيان مماليك تنم ممن كان في الوقعة المذكورة عن سبب تقنطره فإنه لم يطعنه أحد من العسكر السلطاني فقالوا: " كان في فرسه الذي ركبه شؤم: إما شعر رسل أو تحجيل - منتهى الوهم مني - قالوا: فكلمناه في ذلك ونهيناه عن ركوبه فأبى إلا ركوبه وقال: ما خبأته إلا لهذا اليوم. فحال ما علا ظهره وحركه لينظر حال عسكره ووغل في القوم تقنطر به وقد كرت عساكره إلى نحوه ولم يلحقه أحد من مماليكه فظفر به ولما قبض على تنم قبض معه بعد هزيمة عسكره على الأمير آقبغا الجمالي نائب حلب ويونس بلطا نائب طرابلس وأحمد بن الشيخ علي نائب صفد كان وجلبان قراسقل نائب حلب كان وفارس حاجب الحجاب وبيغوت وبيرم رأس نوبة أيتمش وشادي خجا ومن الطبلخانات والعشرات من أمراء مصر والشام ما ينيف على مائة أمير وفر الأتابك أيتمش والوالد وأحمد بن يلبغا أمير مجلس كان وأرغون شاه أمير مجلس ويعقوب شاه وآقبغا اللكاش وبي خجا طيفور نائب غزة كان وجماعة أخر في نحو ثلاثة آلاف مملوك وتوجهوا إلى دمشق. ولما قبض على تنم أنزل في خيمة وقيد ثم شكا العطش وطلب ماء ليشربه فقام الأمير قطلوبغا الحسني الكركي وهو يوم ذلك أحد أمراء الطبلخانات وشاد الشراب خاناه السلطانية وتناول الكوز وأخذ ششنة على عادة الملوك ثم سقاه لتنم. وكان لما أمسك ادعى مملوك من الظاهرية أنه قنطر تنم عن فرسه وطلب إمرة عشرة فلما بلغ ذلك تنم قال: " اطلبوه إلى عندي " فأحضروه فنظر إليه طويلًا ثم قال له: " أنت تستأهل إمرة عشرة وغيرها بدون ذلك إلا أن الكذب قبيح هذا قرقلي إلى الآن علي أين المكان الذي طعنتني فيه برمحك. أنا ما رماني إلا الله تعالى ثم فرسي الأشقر ". وعندما أمسك تنم كتبت البشائر إلى الديار المصرية والبلاد الشامية بذلك ودقت البشائر وسار أيتمش ورفقته إلى نحو دمشق حتى وصلوها فأراد الوالد ويعقوب شاه وجماعة أن يتوجهوا إلى بلاد التركمان حتى يأتيهم أمان من السلطان وأشاروا على أيتمش بذلك فآمتنع أيتمش من ذلك وأبى إلا دخول دمشق فحال دخولهم إليها وهم في أشد ما يكون من التعب وقد كفت خيولهم ثار عليهم أمراء دمشق وقبضوا على أيتمش والوالد وآقبغا اللكاش وأحمد بن يلبغا النابلسي وحبسوا بدار السعادة. وفر من بقي ثم أمسك بعد يومين أرغون شاه ويعقوب شاه وتتبع أمراء دمشق بقية أصحاب تنم من كل مكان حتى قبضوا على جماعة كبيرة منهم. وأما يلبغا المجنون فإنه لما خرج إليه العسكر من مصر مع آقباي الحاجب سار آقباي إلى العباسية فلم يقف ليلبغا المجنون على خبر فقيل له إنه سار إلى قطيا فنزل آقباي بالعساكر على الصالحية فلم يروا له أثرًا فعادوا إلى القاهرة من غير حرب وسار ابن سنقر وبيسق نحو بلاد السباخ فلم يجدا أحدًا فعادا إلى غيتا في يوم الجمعة وأقاما بها فلم يشعرا إلا ويلبغا المجنون قد طرقهما وقبض عليهما وأخذ خطهما بجملة من المال فارتخت القاهرة لذلك ثم سار يلبغا بعد أيام حتى نزل البئر البيضاء فبعث له بيبرس أمانًا فقبض على من حضر من عند بيبرس وطوقه بالحديد فاستعد الناس تلك الليلة بالقاهرة لقتاله وباتوا على أهبة اللقاء وركب الأمراء بأسرهم من الغد إلى قبة النصر خارج القاهرة وصفوا عسكرهم من الغد. وبعد ساعة أقبل يلبغا المجنون بجموعه فواقعهم عند بساتين المطرية ومعه نحو ثلاثمائة فارس فيهم واحد من مماليك الوالد يسمى كزل بغا وصدمهم بمن معه وقصد القلب وكان فيه سودون من زادة وإينال حطب ونحو ثلاثمائة مملوك من المماليك السلطانية فأطبق عليه الأمير بيبرس من الميمنة ومعه يلبغا السالمي الأستادار وساعدهما إينال باي بن قجماس بمن معه من الميسرة فتقنطر سودون من زادة وخرق يلبغا المجنون القلب في عشرين فارسًا وسار إلى جهة الجبل الأحمر وانكسر سائر من كان معه من الأمراء وغيرهم فتبعهم العسكر وفي ظنهم أن يلبغا المجنون فيهم فأدركوا الأمير تمربغا المنجكي بالزيات وقبضوا عليه وأخذ طلب يلبغا المجنون من عند خليج الزعفران فوجدوا فيه ابن سنقر وبيسق الشيخي أمير آخور اللذين كان قبض عليهما يلبغا المجنون بالبئر البيضاء فأطلقوهما وعاد العسكر إلى تحت قلعة الجبل وسار يلبغا المجنون في عشرين فارسًا مع ذيل الجبل إلى تجاه دار الضيافة فلما رأى كثرة من اجتمع من العامة خاف منهم أن يرجموه فقال لهم: " أنتم ترجموني بالحجارة وأنا أرجمكم بالذهب " فدعوا له وتركوه. فسار من خلف القلعة ومضى إلى جهة الصعيد من غير أن يعرف الأمراء وتوجه في نحو المائة فارس وأخذ خيل والي الفيوم وانضم عليه جماعة من العربان. وأما السلطان الملك الناصر فإنه لما كسر تنم وقبض عليه وعلى جماعة من أصحابه وقيدهم أرسل في الحال سعد الدين إبراهيم بن غراب إلى الشام لتحصيل الإقامات ثم ندب السلطان الأمير جكم من عوض رأس نوبة للتوجه إلى دمشق لتقييد الأمير أيتمش ورفقته وإيداعهم بسجن قلعة دمشق ثم خلع السلطان على الأمير سودون الدوادار المعروف بسيدي سودون باستقراره في نيابة دمشق عوضًا عن الأمير تنم الحسني. وسار جكم وفعل ما أمر به ثم دخل بعده سودون نائب الشام إليها في ليلة الاثنين ثاني شعبان ومعه الأمير تنم نائب الشام وعشرة أمراء في القيود فحبس الجميع بقلعة دمشق. ثم دخل السلطان الملك الناصر بعساكره وأمرائه إلى دمشق من الغد في يوم الاثنين ثاني شعبان المذكور فكان لدخوله يوم مشهود وأوقع ابن غراب الحوطة على حواشي تنم وعلى الأمير علاء الدين ابن الطبلاوي. ثم أصبح السلطان من الغد وخلع على سيدي سودون بنيابة الشام ثانيًا وعلى الأمير دمرداش المحمدي نائب حماة باستقراره في نيابة حلب عوضًا عن آقبغا الجمالي الأطروش وعلى الأمير شيخ المحمودي المؤيد باستقراره في نيابة طرابلس عوضًا عن سودون بلطا وعلى الأمير دقماق المحمدي باستقراره في نيابة حماة عوضًا عن دمرداش المحمدي وعلى الأمير ألطنبغا العثماني باستمراره على نيابة صفد وعلى الأمير جنتمر التركماني نائب حمص بنيابة بعلبك وعلى الأمير بشباي من باكي باستقراره حاجب حجاب دمشق عوضًا عن بي خجا المدعو طيفور. واستمر السلطان بعساكره في دمشق إلى ليلة الأحد رابع عشر شعبان فاتفقت الأمراء المصريون على قتل جماعة من المقبوض عليهم فذبح في الليلة المذكورة الأمير الكبير أيتمش البجاسي وجلبان الكمشبغاوي المعروف بقراسقل نائب حلب كان في دولة أستاذه الملك الظاهر برقوق وأرغون شاه البيدمري الظاهري أمير مجلس كان وأحمد بن يلبغا العمري أمير مجلس كان وابن أستاذ الملك الظاهر برقوق وآقبغا الطولوتمري الظاهري اللكاش أحد أمراء الألوف بالديار المصرية وأمير مجلس وفارس الأعرج حاجب الحجاب بالديار المصرية وكان من الشجعان وفيه يقول الشيخ المقرئ الأديب شهاب الدين أحمد الأوحدي: يا دهر كم تفني الكرام عامدًا هل أنت سبع للورى ممارس أيتمش رب العلا صرعته ورحت للندب الهمام فارس والأمير يعقوب شاه الظاهري الحاجب الثاني وأحد مقدمي الألوف بالديار المصرية وبي خجا المدعو طيفور نائب غزة كان ثم حاجب حجاب دمشق والأمير بيغوت اليحياوي الظاهري أحد أمراء الطبلخانات والأمير مبارك المجنون والأمير بهادر العثماني الظاهري نائب البيرة وجميع من قتل من هؤلاء المذكورين هم من عظماء مماليك الملك الظاهر برقوق قتلتهم خجداشيتهم بذنب واحد لأجل الرئاسة ولم يكن فيهم غير ظاهري إلا الأتابك أيتمش وهو أيضًا ممن أقامه الملك الظاهر برقوق وأنشأه بل كان اشتراه أيضًا في سلطنته الأولى حسب ما ذكرناه وكان أيتمش عند الظاهر بمنزلة عظيمة لسلامة باطنه ولين جانبه وشيخوخته فإنه كان بمعزل عن إثارة الفتن ويكفيك أن منطاشًا لما ملك الديار المصرية بعد خلع الظاهر برقوق والقبض على الناصري قتل غالب حواشي الملك الظاهر برقوق وكان أيتمش في حبسه بقلعة دمشق وهو أتابك العساكر وعظيم دولة برقوق فلم يتعرض إليه بسوء لكونه كان مكفوفًا عن الشرور والفتن إلا هؤلاء القوم فإنهم لما ظفروا بتنم وأصحابه لم يرحموا كبيرًا لكبره ولا صغيرًا لصغره ولهذا سلط الله تعالى بعضهم على بعض إلى أن تفانوا جميعًا. ثم جهزوا رأس الأتابك أيتمش المذكور ورأس فارس الحاجب لا غير إلى الديار المصرية فعلقتا بباب قلعة الجبل ثم بباب زويلة أيامًا ثم سلمتا إلى أهلهما.
|